البناء الكوني كلمات قرآنية يردّدها علماء الغرب

البناء الكوني كلمات قرآنية يردّدها علماء الغرب

إعداد المهندس عبد الدائم الكحيل
كاتب متخصص في الإعجاز العلمي في القرآن
ملخص البحث
لقد بدأ علماء الكون حديثاً بإطلاق مصطلحات غريبة، فالصور التي رسمتها أجهزة السوبر كومبيوتر في القرن الحادي والعشرين أظهرت الكون وكأن المجرات فيه لآلِئ تزين العقد! ولذلك فهم يتحدثون اليوم عن زينة السماء بهذه المجرات، وأن هنالك نسيجاً كونياً تتوضع المجرات على خيوطه!! كذلك اكتشفوا أن الكون بناء محكم لا فراغ فيه فأطلقوا مصطلح "بناء" بدلاً من "فضاء"، لقد اكتشفوا أشياء كثيرة وما زالوا. وكل يوم نجدهم يطلقون أبحاثاً جديدة وينفقون بلايين الدولارات في سبيل هذه الاكتشافات، بل ويؤكدون هذه الاكتشافات عبر آلاف الأبحاث العلمية.
والعجيب جداً أن القرآن الكريم تحدث بدقة فائقة عن كل هذه الأمور! والدلائل التي سنشاهدها ونلمسها من خلال هذا البحث هي حجّة قوية جداً على ذلك. وسوف نضع أقوال أهم الباحثين على مستوى العالم بحرفيتها، وبلغتهم التي ينشرون بها أبحاثهم، ومن على مواقعهم على الإنترنت، والتي يمكن لكل إنسان أن يرى هذه الأقوال مباشرة. ونتأمل بالمقابل كلام الله الحقّ عزّ وجلّ، ونقارن ونتدبّر دون أن نحمِّل هذه الآيات ما لا تحتمله من التأويلات أو التفسيرات.
سوف نرى التطابق الكامل بين ما يكشفه العلم اليوم وبين ما تحدث عنه القرآن قبل قرون طويلة. وفي هذا إثبات على صدق قول الحق تبارك وتعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء: 82].
مقدمة
إن أروع اللحظات هي تلك التي يكتشف فيها المؤمن معجزة جديدة في كتاب الله تعالى، عندما يعيش للمرة الأولى مع فهم جديد لآية من آيات الله، عندما يتذكر قول الحقّ عزَّ وجلَّ: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93]. وفي هذا البحث سوف نعيش مع آية جديدة ومعجزة مبهرة وحقائق يقينية تحدث عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً، ويأتي علماء الغرب اليوم في القرن الحادي والعشرين ليردِّدوها بحرفيتها!!
ولا نعجب إذا علمنا أن العلماء قد بدءوا فعلاً بالعودة إلى نفس التعبير القرآني! وهذا الكلام ليس فيه مبالغة أو مغالطة، بل هو حقيقة واقعة سوف نثبتها وفق مبدأ بسيط (من فَمِكَ أُدينُك). وفي هذا رد على كل من يدعي بأن القرآن ليس معجزاً من الناحية العلمية والكونية.
فقد كانت تستوقفني آيات من كتاب الله تعالى لا أجد لها تفسيراً منطقياً أو علمياً، وبعد رحلة من البحث بين المواقع العلمية وما يجدّ من اكتشافات في علوم الفلك والفضاء والكون، إذا بي أُفاجأ بأن ما يكتشفه العلماء اليوم قد تحدث عنه القرآن بمنتهى الوضوح والدقة والبيان.
ولكن هذه المرة حدث العكس، فقد لاحظتُ شيئاً عجيباً في الأبحاث الصادرة عن تركيب الكون ونشوئه وبنائه. فقد بدأ علماء الفلك حديثاً باستخدام كلمة جديدة وهي: (بناء). فعندما بدأ العلماء باكتشاف الكون أطلقوا عليه كلمة (فضاء) أي space ، وذلك لظنّهم بأن الكون مليء "بالفراغ". ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا رؤية بنيته بدقة مذهلة، ورأوا نسيجاً كونياً cosmic web محكماً ومترابطاً، بدءوا بإطلاق مصطلح جديد هو (بناء) أيbuilding .
إنهم بالفعل بدءوا برؤية بناء هندسي مُحكم، فالمجرات وتجمعاتها تشكل لبنات هذا البناء، كما بدءوا يتحدثون عن هندسة بناء الكون ويطلقون مصطلحات جديدة مثل الجسور الكونية، والجدران الكونية، وأن هنالك مادة غير مرئية سمّوها بالمادة المظلمة أي dark matter ، وهذه المادة تملأ الكون وتسيطر على توزع المجرات فيه، وتشكل جسوراً تربط هذه المجرات بعضها ببعض(1).
انتقادات واهية
صدرت بعض المقالات مؤخراً يتساءل أصحابُها: إذا كانت هذه الحقائق العلمية والكونية موجودة في القرآن منذ 1400 سنة، فلماذا تنتظرون الغرب حتى يكتشفها ثم تقولون إن القرآن قد سبقهم للحديث عنها؟ ولماذا تحمّلون النص القرآني ما لا يحتمل من التأويل والتفسير؟
والجواب نجده في نفس الآيات التي جاء فيها التطابق بين العلم والقرآن، فهذه الآيات موجهة أساساً للملحدين الذين لا يؤمنون بالقرآن، خاطبهم بها الله تعالى بأنهم هم من سيرى هذه الحقائق الكونية وهم من سيكتشفها. لذلك نجد البيان الإلهي يقول لهم: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 53].
هذه الآية الصريحة تخاطب أولئك الذين يشككون بالقرآن، وأن الله سيريهم آياته ومعجزاته حتى يدركوا ويستيقنوا أن هذا القرآن هو الحق، وأنه كتاب الله تعالى. ويخاطبهم أيضاً بل ويناديهم بقوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) [النساء: 82]. إذن لو كان هذا القرآن من عند بشر غير الله تعالى، لرأينا فيه الاختلافات والتناقضات، ولكن إذا رأيناه موافقاً ومطابقاً للعلم الحديث ولا يناقضه أبداً، فهذا دليل على أنه صادر من الله تبارك وتعالى فهو خالق الكون وهو منزِّل القرآن.
وهذا هو هدف الإعجاز العلمي، أن نرى فيه التناسق في كل شيء، ولا نجد فيه أي خلل أو خطأ أو تناقض، وهذه مواصفات كتاب الله تعالى. بينما كتب البشر مهما أتقنها مؤلفوها سيبقى فيها التناقض والاختلاف والأخطاء. وأكبر دليل على صدق هذه الحقيقة القرآنية أن العلماء بدءوا يغيرون مصطلحاتهم الكونية: مثل (فضاء) إلى (بناء). إذن هم اكتشفوا أنهم مخطئون في هذه التسمية فعدلوا عنها إلى ما هو أدق وأصحّ منها بعدما اكتشفوا المادة المظلمة. ولكن القرآن المنزَّل من الذي يعلم أسرار السماوات والأرض، أعطانا التعبير الدقيق مباشرة، وهذا ما سنراه الآن.
إن هذه الاكتشافات لو تمَّت على أيدي مؤمنين ثم قالوا إنها موجودة في القرآن إذن لشكَّك الملحدون بمصداقيتها، وقالوا بأنها غير صحيحة. ولكن المعجزة أنك تجد من ينكر القرآن يردِّد كلمات هذا القرآن وهو لا يشعر!!
وفي هذا إعجاز أكبر مما لو تمَّ الاكتشاف على أيدي المؤمنين. ولو تتبعنا آيات القرآن الكونية نجدها غالباً ما تخاطب الملحدين البعيدين عن كتاب الله والمنكرين لكلامه تبارك وتعالى. فالمؤمن يؤمن بكل ما أنزل الله تعالى، وهذه الحقائق العلمية تزيده يقيناً وإيماناً بخالقه سبحانه وتعالى. أما الملحد فيجب عليه أن ينظر ويتأمل ليصل إلى إيمان عن قناعة، وليدرك من وراء هذه الحقائق صدق هذا الدين وصدق رسالة الإسلام.
تطور الحقائق العلمية
في القرن السابع الميلادي عندما نزل القرآن الكريم، كان الاعتقاد السائد عند الناس أن الأرض هي مركز الكون وأن النجوم والكواكب تدور حولها. لم يكن لأحد علم ببنية الكون، أو نشوئه أو تطوره. لم يكن أحد يتخيل الأعداد الضخمة للمجرات، بل لم يكن أحد يعرف شيئاً عن المجرات. وبقي الوضع كما هو حتى جاءت النهضة العلمية الحديثة، عندما بدأ العلماء بالنظر إلى السماء عبر التليسكوبات المكبرة، وتطور علم الفضاء أكثر عندما استخدم العلماء وسائل التحليل الطيفي لضوء المجرات البعيدة. ثم بدأ عصر جديد عندما بدأ هؤلاء الباحثون باستخدام تقنيات المعالجة بالحاسوب للحصول على المعلومات الكونية.
ولكن وفي مطلع الألفية الثالثة، أي قبل خمس سنوات من تاريخ كتابة هذه المقالة، دخل علم الفضاء عصراً جديداً باستخدام السوبر كومبيوتر، عندما قام العلماء برسم مخطط للكون ثلاثي الأبعاد، وقد كانت النتيجة اليقينية التي توصل إليها العلماء هي حقيقة أن كل شيء في هذا الكون يمثل بناءً محكماً.
"لبنات بناء"
وهذا مثال على كلمات رددها علماء غربيون حديثاً وهي موجودة في القرآن قبل مئات السنين. ففي أحد الأبحاث التي أطلقها المرصد الأوروبي الجنوبي يصرح مجموعة من العلماء بأنهم يفضلون استخدام كلمة (لبنات بناء من المجرات) بدلاً من كلمة (المجرات)، ويؤكدون أن الكون مزيَّن بهذه الأبنية تماماً كالخرز المصفوفة على العقد أو الخيط!!
شكل (1) عندما نتأمل السماء من فوقنا نجدها تزدحم بالنجوم والمجرات والغبار والغاز والدخان الكوني. إن الدخان الكوني سوف يتحول إلى نجم لامع، إن العلماء اليوم يدرسون كيفية تشكل هذه النجوم والمجرات بدقة مذهلة، أي هم يدرسون كيف تم بناء الكون، أي هم ينظرون إلى السماء ويدرسون كيفية بنائها، والسؤال: أليست هذه الدراسة هي تطبيق لقول الله تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا)؟
ففي هذا البحث يقول بول ميلر وزملاؤه:
"The first galaxies or rather, the first galaxy building blocks, will form inside the threads of the web. When they start emitting light, they will be seen to mark out the otherwise invisible threads, much like beads on a string".
وهذا معناه: "إن المجرات الأولى، أو بالأحرى لبنات البناء الأولى من المجرات، سوف تتشكل في خيوط النسيج. وعندما تبدأ ببث الضوء، سوف تُرى وهي تحدّد مختلف الخيوط غير المرئية، وتشبه إلى حد كبير الخرز على العقد" (2).
وبعد أن أبحرتُ في الكثير من المقالات والأبحاث العلمية والصادرة حديثاً حول الكون وتركيبه، تأكدتُ أن هذا العالم ليس هو الوحيد الذي يعتقد بذلك، بل جميع العلماء يؤكدون حقيقة البناء الكوني، ولا تكاد تخلو مقالة أو بحث من استخدام مصطلح بنية الكون structure of universe .
وهذا يدل على أن العلماء متفقون اليوم على هذه الحقيقة العلمية، أي حقيقة البناء. وذهبتُ مباشرة إلى كتاب الحقائق – القرآن، وفتَّشتُ عن كلمة البناء وما هي دلالات هذه الكلمة، وكانت المفاجأة أن هذه الكلمة وردت كصفة للسماء في قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [غافر: 64]. وفي آية أخرى نجد قوله أيضاً: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [البقرة: 22].

وسبحان الله تعالى! كلمة يستخدمها القرآن في القرن السابع، ويأتي العلماء في القرن الحادي والعشرين ليستخدموا نفس الكلمة بعدما تأكدوا وتثبَّتوا بأن هذه الكلمة تعبِّر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة الكون وأنه بناء محكم، فهل هذه مصادفة أم معجزة؟!
شكل (2) تظهر الصور الملتقطة حديثاً للكون وجود مادة مظلمة لا تُرى اتضح أنها تشكل أكثر من 95% من البناء الكوني. وأن كل ما نراه من مجرات وغبار وغاز ودخان كوني لا يشكل إلا أقل من 5 % من الكون. وهذه المجرات تظهر بألوان زاهية  ومتنوعة ويشبهها العلماء اليوم بأنها كاللآلئ التي تزين العقد! وأن المادة والطاقة يملآن الكون فلا وجود للفراغ. إذن الحقيقة الكونية اليقينية التي يراها العلماء اليوم يمكن تلخيصها: "الكون هو بناء، وهو مزيَّن، ولا يوجد فيه فراغ أو شقوق". والعجيب أن القرآن قد سبق هؤلاء العلماء ولخص لنا هذه الحقائق في آية واحدة في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وزَيَّنَّاهَا وما لها مِنْ فُرُوجٍ)؟
لآلئ تزيِّن العقد!
وفي أقوال العلماء عندما تحدثوا عن البناء الكوني نجدهم يتحدثون أيضاً عن تشبيه جديد وهو أن المجرات وتجمعاتها تشكل منظراً رائعاً بمختلف الألوان الأزرق والأصفر والأخضر مثل الخرز على العقد، أو مثل اللآلئ المصفوفة على خيط. أي أن هؤلاء العلماء يرون بناءً وزينةً.
ففي إحدى المقالات العلمية نجد كبار علماء الفلك في العالم يصرحون  بعدما رأوا بأعينهم هذه الزينة:
وهذا معناه: "يقول العلماء: إن المادة في الكون تشكل نسيجاً كونياً، تتشكل فيه المجرات على طول الخيوط للمادة العادية والمادة المظلمة مثل اللآلئ على العقد" (3).
إذن في أبحاثهم يتساءلون عن كيفية بناء الكون، ثم يقررون وجود بناء محكم، ويتحدثون عن زينة هذا البناء. ويقررون أن الكون يمتلئ بالمادة العادية المرئية والمادة المظلمة التي لا تُرى، أي لا وجود للفراغ أو الشقوق أو الفروج فيه.
وقد كانت المفاجأة الثانية عندما وجدتُ أن القرآن يتحدث بدقة تامة وتطابق مذهل عن هذه الحقائق في آية واحدة فقط!!! والأعجب من ذلك أن هذه الآية تخاطب الملحدين الذين كذبوا بالقرآن، يخاطبهم بل ويدعوهم للنظر والتأمل والبحث عن كيفية هذا البناء وهذه الزينة الكونية، وتأمل ما بين هذه الزينة كإشارة إلى المادة المظلمة، تماماً مثلما يرون!!! يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) [ق: 6 ]. والفروج في اللغة هي الشقوق كما في معجم لسان العرب.
وتأمل أخي القارئ كيف يتحدث هؤلاء العلماء في أحدث اكتشاف لهم عن كيفية البناء لهذه المجرات، وكيف تتشكل وكيف تُزين السماء كما تزين اللآلئ العقد، وتأمل أيضاً ماذا يقول البيان الإلهي مخاطباً هؤلاء العلماء وغيرهم من غير المؤمنين: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) [ق: 6 ]. حتى الفراغ بين المجرات والذي ظنّه العلماء أنه خالٍ تماماً، اتضح حديثاً أنه ممتلئ تماماً بالمادة المظلمة، وهذا يثبت أن السماء خالية من أية فروج أو شقوق أو فراغ.
كلمات قرآنية في مصطلحات الغرب!
وسبحان الذي أنزل هذا القرآن! الحقُّ تعالى يطلب منهم أن ينظروا إلى السماء من فوقهم، ويطلب منهم أن يبحثوا عن كيفية البناء وكيف زيَّنها، وهم يتحدثون عن هذا البناء وأنهم يرونه واضحاً، ويتحدثون عن شكل المجرات الذي يبدو لهم كالخرز الذي يزين العقد. ونجدهم في أبحاثهم يستخدمون نفس كلمات القرآن!
ففي المقالات الصادرة حديثاً نجد هؤلاء العلماء يطرحون سؤالاً يبدءونه بنفس الكلمة القرآنية (كيف) how، وعلى سبيل المثال مقالة بعنوان: "How Did Structure Form in the Universe?" ، أي "كيف تشكل البناء الكوني". لقد استخدم هذا العالم نفس الكلمة القرآنية وهي كلمة (كيف) ولو قرأنا هذه المقالة نجد أنها تتحدث عن بنية الكون وهو ما تحدثت عنه الآية (كَيْفَ بَنَيْنَاهَا)!
حتى إننا نجد في القرن الحادي والعشرين الجوائز العالمية تُمنح تباعاً في سبيل الإجابة عن هذا سؤال طرحه القرآن في القرن السابع أي قبل أربعة عشر قرناً، أليس هذا إعجازاً مبهراً لكتاب الله تعالى؟!
ولكن الذي أذهلني عندما تأملتُ مشتقات هذه الكلمة أي (بناء)، أن المصطلحات التي يستخدمها العلماء وما يؤكدونه في أبحاثهم وما يرونه يقيناً اليوم، قد سبقهم القرآن إلى استخدامه، وبشكل أكثر دقة ووضوحاً وجمالاً.
ولو بحثنا في كتاب الله جل وعلا في الآيات التي تناولت بناء الكون، لوجدنا أن البيان الإلهي يؤكد دائماً هذه الحقيقة أي حقيقة البناء القوي والمتماسك والشديد. يقول تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) [النازعات: 27]. والعلماء يؤكدون أن القوى الموجودة في الكون تفوق أي خيال. ويمكن مراجعة الروابط في نهاية البحث لأخذ فكرة عن ضخامة القوى التي تتحكم بالكون، مثلاً الطاقة المظلمة! بل إن الله عز وجل قد أقسم بهذا البناء فقال: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [الشمس: 5]. والله تعالى لا يُقسم إلا بعظيم.
وهذا هو أحد العلماء يؤكد أن الكون بأكمله عبارة عن بناء عظيم فيقول:
ومعنى هذا: " إن من أكثر الحقائق وضوحاً حول الكون أنه يُظهر غِنىً في البناء على كافة المقاييس من الكواكب والنجوم والمجرات وحتى تجمعات المجرات والتجمعات المجرية الكبيرة الممتدة لمئات الملايين من السنوات الضوئية" (4).
شكل (3) جدار من النجوم والدخان الكوني يبلغ طوله 1500 سنة ضوئية، هذا الجدار يوجد منه الملايين في الكون، إن الذي يتأمل اكتشافات العلماء في الكون وحديثهم عن وجود جدران كونية وجسور كونية تربط بينها يستنتج بأن الكون هو بناء هندسي عظيم. وسبحان الذي حدثنا عن هذا البناء قبل أن يكتشفه علماء الغرب بقرون طويلة فقال: (والسماءَ بناءً) [البقرة: 22]. وكلمة (بناء) الواردة في هذه الآية هي ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم "building".
وهنا نتوقف لحظة ونتأمل
هؤلاء العلماء ينكرون كلام الله وهو القرآن، ويقولون إنه من صنع محمد صلى الله عليه وسلم. وربما لا يؤمنون بوجود خالق لهذا الكون، فهم في تخبّط واختلاط. والعجيب أن الله تعالى يصف حالهم هذه في قوله عزّ وجلّ: (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق: 5]. أي أن هؤلاء المكذبين بالقرآن وهو الحقّ، هم في حيرة واختلاط من أمرهم.
 على الرغم من ذلك يدعوهم الله تعالى في الآية التالية مباشرة للنظر والتأمل في كيفية بناء وتزيين الكون، ويؤكد لهم أنه هو الذي بنى هذه المجرات وهو الذي جعلها كالزينة للسماء (كَيْفَبَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا) ، بل ويسخر لهم أسباب هذا النظر وأسباب هذه الاكتشافات، وذلك ليستدلوا بهذا البناء على الباني سبحانه وتعالى. وليخرجوا من حيرتهم وتخبُّطهم ويتفكروا في هذا البناء الكوني المتناسق والمحكم، ليستيقنوا بوجود الخالق العظيم تبارك وتعالى. والسؤال: أليست هذه دعوة من الله تعالى بلغة العلم للإيمان بهذا الخالق العظيم؟
إن الدين الذي يتعامل مع غير المسلمين بهذا المنهج العلمي للإقناع، هل هو دين تخلف وإرهاب، أم دين علم وتسامح وإقناع؟!! ألا نرى في خطاب الله تعالى لغير المسلمين خطاباً علمياً قمَّةَ التسامح حتى مع أعداء الإسلام؟ أليس الإعجاز العلمي أسلوباً حضارياً للدعوة إلى الله تعالى؟
إذا كان الإعجاز العلمي والذي هو الأسلوب الذي تعامل به القرآن مع أعدائه ودعاهم للنظر والتدبر، إذا كان هذا الإعجاز ـ كما يقول البعض ـ وسيلة غير ناجحة للدعوة إلى الله تعالى، إذن ما هي الوسيلة التي نخاطب بها الملحدين في عصر العلم والمادة الذي نعيشه اليوم؟
في رحاب التفسير
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى، وقوله: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها) يقول تعالى ذكره : أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بلائهم، (إلى السماء فوقهم كيف بنيناها)فسوَّيناها سقفاً محفوظاً، وزيَّناها بالنجوم؟ (وما لها من فروج) يعني : وما لها من صدوع وفتوق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: التفسير قوله تعالى : (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم) نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة (كيف بنيناها) فرفعناها بلا عمد (وزيناها) بالنجوم (وما لها من فروج) جمع فرج وهو الشق. وقال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق.
وفي تفسير الطبري رحمه الله تعالى،نجده يقول: القول في تأويل قوله: (والسماء بناءً). قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماءً لعلوِّها على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماة. ولذلك قيل لسقف البيت: سماوة، لأنه فوقه مرتفع عليه. فكذلك السماء سميت للأرض سماء، لعلوِّها وإشرافها عليها. وعن قتادة في قول الله: (والسماء بناء)، قال: جعل السماء سقفاً لك.
ونتساءل الآن: أليس ما فهمه المفسرون رحمهم الله تعالى من هذه الآيات، هو ما يكتشفه العلماء اليوم؟ أليست المادة تملأ الكون؟ أليست النجوم والمجرات كالزينة في السماء؟ أليست هذه السماء خالية من أي فروج أو شقوق أو فراغات؟ وهذا يؤكد وضوح وبيان النص القرآني وأن كل من يقرأ كتاب الله تعالى، يدرك هذه الحقائق كلٌّ حسب اختصاصه وحسب معلومات عصره.
أوجه الإعجاز والسبق العلمي للآيات
تساؤلات نكررها دائماً: لو كان القرآن من تأليف محمد عليه صلوات الله وسلامه، إذن كيف استطاع وهو النبي الأمي أن يطرح سؤالاً على الملحدين ويدعوهم للنظر في كيفية بناء الكون؟ كيف حدَّد أن النجوم تزين السماء؟ ومن أين أتى بمصطلح علمي دقيق مثل "بناء"؟ كيف علم بأن الكون لا يوجد فيه أية فراغات أو شقوق أو فروج أو تفاوت؟ من الذي علَّمه هذه العلوم الكونية في عصر الخرافات الذي عاش فيه؟
إن وجود تعابير علمية دقيقة ومطابقة لما يراه العلماء اليوم دليل على إعجاز القرآن الكوني، ودليل على السبق العلمي لكتاب الله تعالى في علم الفلك الحديث. وفي كتاب الله تعالى نجد أن كلمة (بناء) ارتبطت دائماً بكلمة (السماء). وكذلك ارتبطت بزينة الكون وتوسعه، يقول تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: 47]. والعجيب أننا لا نكاد نجد بحثاً حديثاً يتناول البناء الكوني، إلا ونجدهم يتحدثون فيه عن توسع الكون!! وهذا ما فعله القرآن تماماً في هذه الآية العظيمة عندما تحدث عن بنية الكون (بَنَيْنَاهَا) وعن توسع الكون (لَمُوسِعُونَ).
أي أن القرآن هو أول كتاب ربط بين بناء الكون وتوسعه. وسؤالنا من جديد: ماذا يعني أن نجد العلماء يستخدمون التعبير القرآني بحرفيَّته؟ إنه يعني شيئاً واحداً وهو أن الله تعالى يريد أن يؤكد لكل من يشكّ بهذا القرآن، أنهم مهما بحثوا ومهما تطوروا لا بدّ في النهاية أن يعودوا للقرآن!
هنالك إشارة مهمة في هذه الآيات وهي أنها حددت من سيكتشف حقيقة البناء الكوني، لذلك وجَّهت الخطاب لهم. ففي جميع الآيات التي تناولت البناء الكوني نجد الخطاب للمشككين بالقرآن، ليتخذوا من اكتشافاتهم هذه طريقاً للوصول إلى الله واليقين والإيمان برسالته الخاتمة.
واستمع معي إلى هذا البيان الإلهي : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 21-24].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل

الهوامش
(1) المادة المظلمة هي مادة تملأ أكثر من 95 % من الكون، وهي لا تُرى أبداً ولكن هنالك دلائل كثيرة تؤكد وجودها.
(2) مقالة بعنوان "ملامح النسيج الكوني" لثلاثة من علماء الغرب الأكثر شهرة في هذا المجال وهم: عالم الفلك  بول ميلر من معهد الفيزياء الفلكية بألمانيا وجون فينبو من نفس المعهد، وبارن تومسون من معهد الفيزياء والفلك بالدانمارك، ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع على تفاصيل هذا الاكتشاف على موقع المرصد الأوروبي الجنوبي بألمانيا:  www.eso.org 
(3) انظر مقالة حديثة حول كيفية تشكل الكون وبنائه منشورة على الموقع:
www.govertschilling.nl 

(4) انظر خبر بعنوان: "كيف تشكل البناء الكوني"  جائزة كارفورد لعام 2005 والصادرة عن الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم، والمقالة هي للباحثين الثلاثة: جيمس كان وجيمس بيبلس من جامعة برينستون الأمريكية، ومارتين ريز من معهد الفلك في جامعة كامبريدج البريطانية. هذه المقالة متوفرة على موقع الأكاديمية السويدية: www.kva.se

وترى الجبال تحسبها جامدة

وترى الجبال تحسبها جامدة



تدور الأرض حول محورها دورة كاملة كل يوم
الدكتور منصور العبادي
أستاذ الهندسة الكهربائية ـ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
يوجد في القرآن الكريم آيات بينات إذا ما تدبرها عاقل يعيش في هذا العصر وعنده بعض الإلمام بعلوم العصر الحديث فإنه لا مناص إلا أن يعترف بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون قد كتب من قبل محمد صلى الله عليه وسلم. إن مثل هذه الآيات تحتوي على حقائق علمية لم تكن معروفة من قبل البشر في العصر الذي نزل فيه القرآن بل لم يتمكن البشر من كشفها إلا بعد مرور ما يزيد على ألف عام من نزول القرآن الكريم. ومن هذه الآيات قوله سبحانه وتعالى "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" النمل 88.
 فقد ورد في هذه الآية حقيقة علمية بالغة الأهمية لا يمكن للبشر أن يكتشفوها بحواسهم المجردة أبدا بل يحتاج إثباتها إلى طرق غير مباشرة وذلك بالإعتماد على المنهج الإستقرائي. إن الحقيقة الكبرى التي أوردتها هذه الآية هي ما يسميه العلماء اليوم بمبدأ نسبية الحركة والذي مفاده أن الشيء الذي يبدو للمراقب ساكنا قد لا يكون كذلك بل قد يكون متحركا والشيء الذي يبدو أنه يتحرك بسرعة بطيئة قد تكون سرعته عالية جدا. وبغض النظر عن اختلاف علماء التفسير في ما إذا كانت هذه الآية تتحدث عن ظاهرة يعايشها البشر في حياتهم الدنيا أما أنها من ظواهر يوم القيامة فإن لها قصب السبق في تقرير حقيقة نسبية الحركة. فالآية تتحدث بكل وضوح عن ظاهرة عجيبة وهي أن الناظر إلى الجبال تبدو له جامدة أي ساكنه ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك بل إنها في حركة دائبة. لقد سبق لكفار قريش أن اتهموا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالجنون وعلى الأغلب أن فرحتهم كانت غامرة عندما نزلت هذه الآية حيث أنهم وجدوا فيها على حسب زعمهم ما يثبت هذا الجنون فلا بد أنهم قالوا للناس كيف تصدقون هذا الرجل الذي يقول أن هذه الجبال الراسخة الثابتة تتحرك كما تتحرك السحب في السماء! وبينما كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يعجب من بديع صنع الله كان كفار قريش يسخرون ويضحكون وصدق الله العظيم القائل"فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ" الصافات 11-14.
ولا عجب من موقف العرب هذا فالكنيسة المسيحية قامت بعد مرور ألف عام من نزول القرآن الكريم بمحاكمة علماء أمثال كوبرنيكس وبرونو وكيبلر وجاليليو فسجنت بعضهم وأحرقت البعض الآخر لمجرد قولهم أن الأرض ليست مركز الكون بل إنها كوكب من كواكب كثيرة تدور حول الشمس وهي تكمل دورتها مرة كل عام وتدور كذلك حول محورها مرة كل 24 ساعة. وعلى العاقل أن يتساءل عندما يتدبر هذه الآية عن المصلحة التي سيجنيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لو كان هذا القرآن من تأليفه من تصريحه بهذه الحقيقة العجيبة التي لا يمكن لعقول البشر أن تستوعبها بل سيقابلوها بالرفض والتكذيب والسخرية. ومما يؤكد هذا الأمر أن مفسري القرآن الكريم القدامى عندما أرادوا أن يفسروا هذه الآية أشكل عليهم الأمر ولم يتمكنوا من التوفيق بين كون الجبال تبدو للناظر ساكنة ولكنها في الحقيقة ليست كذلك بل تتحرك كما يتحرك السحاب في السماء فكان المخرج من هذا المأزق أن قالوا أن هذا المشهد هو من مشاهد يوم القيامة. إن هذا المخرج من هذا المأزق لن يغير من واقع الحال شيئا فمن السهل جدا أن نلاحق من يقول هذا القول ونسأله كيف يمكن أن تبدو لنا الجبال ساكنة يوم القيامة وهي في الحقيقة متحركة!  
وقبل أن نشرح ما تحمله هذه الآية من دلالات لا بد من شرح مبدأ نسبية الحركة والذي اكتشفه جاليليو ونشره في أحد كتبه في عام 1632م.
وينص مبدأ نسبية الحركة على أن سرعة أي جسم متحرك لا يمكن قياسها بشكل مطلق ولكن يتم تحديدها بشكل نسبي من خلال قياسها بالنسبة لمرجع إسناد قصورى. ومراجع الإسناد القصورية هي مراجع إسناد يتحرك بعضها بالنسبة للبعض الآخر بسرعات منتظمة وتتخذ قوانين الفيزياء فيها نفس الشكل الرياضي وذلك على عكس مراجع الإسناد غير القصورية التي لا تتخذ فيها قوانين الفيزياء نفس الشكل بسبب وجود تسارع أو عجلة بين هذه المراجع.
وبناء على مبدأ نسبية الحركة فقد وضع جاليليو قانون لقياس السرعات النسبية في مراجع الإسناد القصورية المختلفة وهو قانون جمع السرعات والذي ينص على أن السرعة التي يقيسها مشاهد في مرجع إسناد معين لجسم متحرك في مرجع إسناد آخر تساوي سرعة الجسم بالنسبة لمرجع الإسناد الذي هو فيه مضافا إليها السرعة النسبية بين الإسنادين.

لوحة قديمة لجاليليو الفلكي المشهور


وقد وضح جاليليو مبدأ نسبية الحركة بما يجري من أحداث في داخل سفينة تتحرك بسرعة ثابتة في عرض البحر ونحن نوضحها هنا على ما يجري من أحداث في داخل طائرة تطير في الجو بسرعة ثابتة تبلغ ألف كيلومتر في الساعة. إن ركاب الطائرة إذا ما كانت سرعتها ثابتة تماما فإنهم يتصرفون على ظهرها كما لو كانوا على سطح الأرض ولا يكادون يشعرون بأن الطائرة تسير بهم بهذه السرعة العالية وكذلك فإنهم يرون أن الأجسام على سطح الطائرة تتصرف وفق القوانين الفيزيائية التي تحكم الأشياء على سطح الأرض. فإذا ما سقط شيء من أيديهم فإنه يسقط على المكان الذي يقع تحت أيديهم مباشرة وإذا ما رمى أحدهم بشيء ما في داخل الطائرة فإن سرعته في أي إتجاه لن تختلف عن سرعته فيما لو رماه وهو على سطح الأرض. ولو أن أحدهم جرى من مؤخرة الطائرة باتجاه مقدمتها بسرعة ثابتة ولتكن خمسة كيلومترات في الساعة فإن سرعته بالنسبة لسطح الطائرة ستكون نفسها فيما لو جرى بالإتجاه المعاكس. ولكن الأمر يختلف تماما لمشاهد يقيس سرعة هذا الشخص من على سطح الأرض فسرعته هي ألف وخمسة كيلومترات في الساعة إذا كان يجري من مؤخرة الطائرة إلى مقدمتها و تسعمائة وخمس وتسعون إذا كان يجري في الإتجاه المعاكس أو العكس وذلك حسب موقع المشاهد.

وإذا كان ركاب الطائرة على صغر حجمها وعلى مدى قربها من الأرض لا يكادون يحسون بحركتها فإن سكان الأرض أولى بمثل هذا الشعور فهم يرون الأرض ساكنة تمام السكون ولا يوجد فيها ما يوحي بأنها تتحرك أبدا. ولهذا السبب فقد بقي البشر حتى بداية القرن السادس عشر الميلادي يعتقدون أن الأرض هي مركز هذا الكون وأن جميع ما فيه من أجرام تتحرك حولها وهي ثابتة لا تتحرك أبدا كما توحي بذلك حواسهم. وبناءا على هذا الاعتقاد قام الفلكي الإغريقي بطليموس في القرن الثاني الميلادي بوضع أول نموذج يفسر حركات الأجرام السماوية المختلفة كالشمس والكواكب وبقية النجوم وتنص نظرية بطليموس على أن الأرض كروية الشكل وهي ثابتة في مركز الكون وتدور السماء وجميع الأجرام السماوية حولها على أبعاد ثابتة من بعضها البعض باستثناء بعض الأجرام التي تدور بعكس هذه الخلفية في مسارات تبدو متمردة.
صورة  لطائرة  لمراقب خارجي
صورة  لطائرة  لمراقب داخلي
وبقي نموذج بطليموس هو المعمول به في علم الفلك حتى ظهر الفلكي الشهير كوبرنيكس في القرن السادس عشر وقرر أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية وتدور الكواكب بما فيها الأرض حولها.
لم يبني كوبرنيكس نظريته من فراغ بل اعتمد على كم هائل من الدراسات الفلكية التي أجراها العلماء من قبله وخاصة علماء المسلمين الذين استلموا قيادة المسيرة العلمية في العصور الوسطى.
فقد انتقد ابن الهيثم في القرن الحادي عشر من ناحية رياضية بحته نموذج بطليموس في مقالة له "شكوك حول بطليموس" وقال أنه نموذج غير قادر على تفسير كثير من الحركات الفلكية ولا بد إذا من تطويره.
وقد صرح البيروني كذلك في القرن الحادي عشر بأن الأرض تدور حول محورها وتدور كذلك مع بقية الكواكب حول الشمس حيث يقول بكل صراحة في كتابه "الآثار الباقية في القرون الخالية" "ليست الشمس هي سبب تفاوت الليل والنهار بل إنّ الأرض ذاتها هي التي تدور حول نفسها وتدور مع الكواكب والنجوم حول الشمس" ولكنه عاد ليقول بأن مثل هذا القول قد لا يصلح لأننا لا نكون في موضع نتمكن من التحقق من حقيقة هذا الدوران.
وقد قام بعض علماء الفلك المسلمين أمثال نصير الدين الطوسي ومؤيد الدين الأوردي بتطوير نماذج فلكية تتفوق في قدرتها على تفسير حركة الكواكب من نموذج بطليموس وهي عبارة عن دوائر متداخلة تدور حول الأرض أُضيف إليها دوائر مركزها خارج الأرض ودوائر أصغر مراكزها متحركة.
وقد قام العالم الفلكي الفذ ابن الشاطر الدمشقي في القرن الرابع عشر ببناء نموذج معقد كانت الشمس فيه مركز لحركات الكواكب وتتحرك هي بدورها حول الأرض وقد تمكن هذا النموذج من تفسير معظم الحركات الفلكية التي فشل نموذج بطليموس من تفسيرها وهو أقرب ما يكون للنموذج الذي وضعه كوبرنيكس فيما بعد وقد نشر نتائج أبحاثه في كتابه "تحرير نهاية السؤال في تصحيح الأصول".
وفي عام 1543م نشر كوبرنيكس نظرية جديدة تقول أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية وأن الكواكب بما فيها الأرض تدور حولها في مدارات مستقلة وأثبت كذلك أن الأرض تدور حول محورها دورة كاملة كل 24 ساعة فينتج عن ذلك ظاهرة الليل والنهار بينما تدور حول الشمس مرة كل عام مما ينتج عنها ظاهرة تغير الفصول.

لوحة قديمة كوبرنيكس الفلكي المشهور


لقد قابل عامة الناس إدعاءات كوبرنيكس حول حركة الأرض بالسخرية بل تجاوز الأمر حد السخرية وقررت الكنيسة محاكمة كوبرنيكس وكل العلماء الذين يرون رأيه واتهموهم بالزندقة والكفر وقاموا بمصادرة وإحراق أبحاثهم ففر كوبرنيكس من روما حتى لا يتم القبض عليه وإلا كان مصيره الإعدام أو الحرق كما حدث لبعض العلماء.
وفي مقابل هذه السخرية من قبل عامة الناس كانت فرحة علماء الفلك بهذه النظرية غامرة فقد حلت هذه النظرية عدد لا يحصى من الألغاز التي كانت تحيرهم حول حركة الأجرام السماوية وخاصة كواكب المجموعة الشمسية.
إن الإثبات المباشر بأن الأرض في حركة دائبة حول محورها وحول الشمس لا يمكن أن يتم من قبل البشر وهم يعيشون على سطحها فلا بد لهم من الخروج خارج نطاقها ويقفوا على مرجع إسناد جديد ليتأكدوا من مثل هذه الحركات وهذا ما تم بالفعل في عصرنا هذا حيث تم مشاهدة الأرض وهي تدور حول محورها من قبل رواد الفضاء وهم على القمر أو من قبل كمرات المركبات الفضائية التي إرسلت للفضاء الخارجي.
أما كوبرنيكس فقد استخدم المنهج الاستقرائي (الإستدلالي) لإثبات أن الأرض تدور حول محورها وحول الشمس من خلال دراسة حركات الأجرام السماوية التي تملأ الفضاء من حولنا. إن منتهى العبقرية أن يكذب الإنسان حواسه التي توحي له بأن الأرض ساكنة لا تتحرك ويصدق الحسابات الرياضية التي تثبت أن الأرض في حركة دائبة. وليس الفضل في هذا للبشر بل الفضل كل الفضل لله الذي خلق هذا العقل العجيب الذي يستخدمه البشر لكشف أسرار هذا الكون.

يعتقد غالبية البشر في هذا العصر بأن الأرض غير ساكنة بل هي دائمة الحركة إما حول محورها أو حول الشمس ولو طلبت من أحد الناس أن يقنعك بطريقة ما بأن الأرض متحركة وليست ساكنة لما استطاع فعل ذلك إن لم يكن مختصا في الفيزياء أو في الفلك. وعلى هذا فإن معظم الناس تعتمد في إيمانها بظاهرة حركة الأرض على ما يقوله المختصون بخصوص هذا الأمر وذلك على افتراض أنهم صادقون فيما يدعون. وكما ذكرنا سابقا فإن كوبرنيكس اعتمد على المنهج الاستقرائي لإثبات أن الأرض متحركة وليست ساكنة وذلك بالإعتماد على أدله كثيرة يعضد بعضها بعضا جعلت كوبرنيكس يصل إلى قناعة تامة بأن الأرض ليست بساكنة. ومن الأدلة التي اعتمد عليها كوبرنيكس هو أن حساب حركات الأجرام السماوية تصبح سهلة جدا بافتراض أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية بعد أن كانت بالغة التعقيد في حالة افتراض أن الأرض هي المركز. وكذلك فإنه من غير المعقول أن الشمس التي يفوق حجمها حجم الأرض بمليون مرة تدور حول هذه الأرض الصغيرة الحجم بل العكس لا بد أن يكون هو الصحيح.
رسم توضيحي للمجموعة الشمسية
ومع اكتشاف قانون الجذب العام على يد نيوتن في نهاية القرن السابع عشر أصبحت عملية إثبات حركة الأرض وغيرها من الأجرام أكثر سهولة.
فهذا الكون لا يمكن أن يكون مستقرا إلا إذا كان كل جرم من أجرامه في حالة حركة مستمرة ولو حدث أن توقف أي جرم عن الحركة لأنجذب فورا إلى أقرب الأجرام إليه. ولهذا فقد اختار الله سبحانه نوعين من الحركة لهذه الأجرام حركة دائرية وأخرى خطية فالحركة الدائرية اختارها الله لحفظ الأقمار حول الكواكب والكواكب حول الشموس والشموس حول مراكز المجرات ولوقف هذه المتوالية اختار الله الحركة الخطية لحفظ المجرات من الإنجذاب لبعضها البعض حيث أنها تتحرك في خطوط مستقيمة باتجاهات خارجة من مركز الإنفجار العظيم وصدق الله العظيم القائل "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" يس 38-40.
ويقدر العلماء بشكل تقريبي عدد المجرات في الكون المشاهد بمائة بليون مجرة وتحتوي كل مجرة في المتوسط على مائة بليون نجم وما يتبع هذا النجم من كواكب وأقمار ويبلغ متوسط المسافة بين مجرتين متجاورتين 25 بليون بليون كيلومتر أو ما يعادل 2.5 مليون سنة ضوئية أما متوسط المسافة بين نجمين متجاورين فتبلغ في المتوسط سنتين ضوئيتين أو ما يعادل 20 ألف بليون كيلومتر وأما المسافة بين النجوم المتجاورة فتقاس بعشرات الملايين من الكيلومترات وصدق الله العظيم القائل "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" الواقعة 75-76. أما السرعات التي تتحرك بها هذه الأجرام في الفضاء فهي في غاية الضخامة فعلى سبيل المثال فإن الأرض تدور حول الشمس بسرعة 108 آلاف كيلومتر في الساعة والشمس تدور حول مركز المجرة يسرعة 800 ألف كيلومتر في الساعة أما المجرة فتندفع في خط مستقيم بسرعة تزيد عن مليوني كيلومتر في الساعة. وعلى الرغم من هذه السرعات الخيالية إلا أننا نعيش آمنين مطمئنين على سطح هذه الأرض التي نحسبها ثابتة لا تتحرك أبدا.

وعلى ضوء هذا الشرح نعود لتدبر دلالات قوله تعالى "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" النمل 88.
أما الحقيقة الأولى التي نستخلصها من هذه الآية هي أن الناظر إلى الجبال يظن أنها جامدة أي ساكنة لا تتحرك أبدا وهذه حقيقة لا ريب فيها أبدا فلا يمكن لأحد من البشر أن يحس بحركة الأرض ولا يمكن لهم كذلك قياس سرعتها بأي جهاز مهما بلغ تعقيد تركيبه.
أما الحقيقة الثانية فهي التأكيد على أن الجبال ليست ساكنة بل هي متحركة لقوله تعالى "وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ" وهذه هي الحقيقة التي لم يتمكن البشر من اكتشافها إلا بعد مرور ما يقرب من ألف عام من ذكر القرآن الكريم لها. إن إختيار الجبال كمثال للتدليل على حركة الأرض هو اختيار في غاية الحكمة فلو راقب مشاهد حركة الأرض من على ظهر القمر أو من على ظهر مركبة فضائية فإن الجبال البارزة من سطح الأرض هي وحدها التي تكشف عن حركة الأرض حول محورها ففي غياب علامات واضحة على سطح الأرض فإنه من الصعب اكتشاف مثل هذه الحركة.
ولكي يوضح الله سبحانه وتعالى للبشر كيف يمكن للشيء أن يبدو ساكنا في أعين الناظر له وهو في الحقيقة في حركة دائمة ضرب لهم مثلا في ظاهرة مماثلة وهي حركة السحاب في السماء.
إن السحاب إذا ما كان متصلا ومتجانسا وليس على شكل قطع ويغطى مساحة واسعة من السماء فإنه من الصعب جدا على الناظر إليه أن يحس بحركته أبدا رغم أن الرياح تسوقه بسرعات عالية.
وحتى في حالة السحاب الرقيق الذي تتخلله فتحات تنفذ من خلالها أشعة الشمس فإن الناظر إليه يرى الشمس تتحرك بسرعة عالية من خلفه بينما يبدو السحاب ساكنا لا يتحرك.
ومما يؤكد على أن هذه الآية تتحدث عن ظاهرة تحدث في حياتنا الدنيا وليست في الآخرة كما يقول بعض المفسرين هو تعقيب الله سبحانه وتعالى عليها بقوله "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ". فالله ليس بحاجة لأن يدلل على بديع صنعه في يوم تكون الجبال فيه كالعهن المنفوش والأرض غير الأرض والسموات غير السموات إلى غير ذلك من مشاهد يوم القيامة المختلفة. وسواء أكانت الآية تتحدث عن حال الجبال في الدنيا أم في الآخرة فإن تقريرها لمبدأ نسبية الحركة يبقى قائما وحتى لو كانت تصف حال الجبال في الآخرة فإن المبدأ الذي أوردته ينطبق تماما على حال الجبال في الدنيا كما أثبت ذلك العلماء.
وحتى المثال الذي ضربه الله سبحانه وتعالى لتقريب معنى نسبية الحركة في حركة الجبال إلى أذهان البشر وهو حركة السحاب يؤكد على هذا المبدأ أيضا فإذا ما أراد شخصا أن يشرح لشخص آخر مبدأ نسبية الحركة فخير مثال يمكن أن يستشهد به هو حركة السحاب.
وعلى هذا فإن هذه الآية توضح مبدأ نسبية الحركة من خلال ظاهرتين ظاهرة يمكن للبشر التأكد منها بأنفسهم بطريقة مباشرة وهي حركة السحاب في السماء حيث من السهل لأي شخص من خلال مراقبة أنواع السحب المختلفة أن يتأكد من حركتها بطرق مختلفة رغم أنه يراها ساكنة لا تتحرك.
أما الظاهرة الثانية وهي حركة الجبال فإنه من المستحيل إثباتها بشكل مباشر ونحن نقف على سطح الأرض كما صرح بذلك البيروني ويتطلب إثباتها طرق غير مباشرة كما شرحنا ذلك آنفا ولذلك شبه الله حركة الجبال بحركة السحاب لكي تستوعبها عقول البشر.
إن منتهى الإتقان في الصنع أن يعيش البشر على ظهر أرض يتحرك سطحها بسرعة قد تصل إلى ألف وسبعمائة كيلومتر في الساعة عند خط الاستواء وتدور بكاملها حول الشمس بسرعة 108 آلاف كيلومتر في الساعة وتدور مع المجموعة الشمسية حول مركز المجرة يسرعة 800 ألف كيلومتر في الساعة أما المجرة فتندفع بما فيها من نجوم في خط مستقيم بسرعة تزيد عن مليوني كيلومتر في الساعة ثم لا يحسون أبدا بهذه الحركات بل إن بعضهم يرفض أن يصدق أن الأرض تتحرك بمن عليها! إن من أكبر النعم التي أنعم الله بها على البشر أنهم يعيشون آمنين مطمئنين على سطح هذه الأرض التي تسبح في هذا الكون بسرعات خيالية دون أن يشعروا بها ودون أن تصطدم بهذا العدد الهائل من النجوم والكواكب التي حولها وصدق الله العظيم القائل "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" إبراهيم 33-34.

مواقع النجوم آية من آيات الله


صورة لتشكيلة نجمية من سحابة ماجلان (تصوير وكالة الفضاء الأوربية )
مواقع النجوم آية من آيات الله


الدكتور زغلول النجار
أستاذ علوم الكون وعلوم الأرض في الجامعات المصرية
والسعوديةومدير أكاديمية مارك فيلد في بريطانيا
قال تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة:76، 75 ) في هاتين الآيتين الكريمتين يقسم ربنا تبارك وتعالي ـ وهو الغني عن القسم ـ بمواقع النجوم‏,‏ ثم يأتي جواب القسم‏:‏ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة:80).
 والمعنى المستفاد من هذه الآيات الكريمة:
أن الله تعالى يخبرنا بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ أقسم قسماً مغلظاً بمواقع النجوم ـ وأن هذا القسم جليل عظيم ـ لو كنتم تعرفون قدره ـ أن هذا القرآن كتاب كريم‏,‏ جمع الفوائد والمنافع‏,‏ لاشتماله على أصول الدين من العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات‏,‏ وغير ذلك من أمور الغيب وضوابط السلوك وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة والعبر المستفادة منها‏,‏ وعدد من حقائق ومظاهر الكون الدالة على وجود الله و على عظيم قدرته‏,‏ وكمال حكمته وإحاطة علمه‏.‏ ويأتي جواب القسم‏:‏ أن الله تعالى قد تعهد بحفظ هذا الوحي الخاتم في كتاب واحد مصون بقدرة الله‏(‏ تعالى‏),‏ محفوظ بحفظه من الضياع أو التبديل والتحريف‏,‏ وهو المصحف الشريف‏,‏ الذي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون من جميع صور الدنس المادي‏(‏ أي المتوضئون الطاهرون‏),‏ ولا يستشعر عظمته وبركته إلا المؤمنون بالله‏,‏ الموحدون لذاته العليا‏,‏ المطهرون من دنس الشرك‏,‏ والكفر‏,‏ والنفاق‏,‏ ورذائل الأخلاق‏,‏ لأن هذا القرآن الكريم هو وحي الله الخاتم‏,‏ المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وهو معجزته الخالدة إلى يوم الدين‏,‏ أنزله الله تعالى بعلمه وهو الإله الخالق‏,‏ رب السماوات والأرض ومن فيهن‏,‏ وقيوم الكون ومالكه ‏(‏ سبحانه وتعالى‏),‏ ولذلك يقول‏(‏ عز من قائل‏):‏(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة) تفسير القسم بمواقع النجوم: الفاء حرف عطف‏,‏ يُعطف بها فتدل على الترتيب والتعقيب مع الاشتراك‏,‏ أو يكون ما قبلها علة لما بعدها‏,‏ وتجري على العطف والتعقيب دون الاشتراك‏,‏ وقد تكون للابتداء‏,‏ ويكون ما بعدها حينئذ كلاماً مستأنفا‏ً,‏ وأغلب الظن أنها هنا للابتداء‏.‏
وأما لا فقد اعتبرها نحاة البصريين حرفاً زائداً في اللفظ لا في المعني‏,‏ بينما اعتبرها نحاة الكوفيين اسماً لوقوعها موقع الاسم‏,‏ خاصة إذا سُبقت بحرف من حروف الجر‏,‏ وهي تأتي نافية للجنس‏,‏ أو ناهية عن أمر‏,‏ أو جوابية لسؤال‏,‏ أو بمعني غير أو زائدة‏,‏ وتارة تعمل عمل إن‏,‏ أو عمل ليس‏,‏ أو غير ذلك من المعاني‏.‏ ومن أساليب اللغة العربية إدخال لا النافية للجنس على فعل القسم‏:‏ لا أقسم من أجل المبالغة في توكيد القسم‏,‏ بمعني أنه لا يقسم بالشيء إلا تعظيماً له‏,‏ كأنهم ينفون ما سوى المقسم عليه فيفيد تأكيد القسم به‏,‏ وقيل‏:‏ هي للنفي‏,‏ بمعني لا أقسم به إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أصلاً فضلا عن هذا القسم العظيم‏.‏
 ومواقع النجوم:
 هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏,‏ وبسرعات جريها ودورانها‏,‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏,‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏,‏ واللفظة مواقع جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏,‏ من الوقوع بمعنى السقوط‏.‏ والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏,‏ وحركات النجوم عديدة وخاطفة‏,‏ وكل ذلك منوط بالجاذبية‏,‏ وهي قوة لا تُري‏,‏ تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏,‏ والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏,‏ والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏,‏ وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها القليل ...!!!
 وهذا القَسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏,‏ والتي تقول أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا‏,‏ فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً,‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها‏,‏ وعلى ذلك فهذه المواقع كلها نسبية‏,‏ وليست مطلقة‏,‏ ليس هذا فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة قد أثبتت أن نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏,‏ والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الراهن‏,‏ كما أنه نظراً لانحناء الضوء في صفحة الكون فإن النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية‏,‏ ومن هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم‏,‏ وليس بالنجوم ذاتها ـ على عظم قدر النجوم ـ التي كشف العلم عنها أنها أفران كونية عجيبة يخلق الله‏‏ تعالى‏ لنا فيها كل صور المادة والطاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك‏.
رسم يصور أحد الأقزام الحمر رسمت بريشة فنان
‏ ماهية النجوم النجوم هي أجرام سماوية منتشرة بالسماء الدنيا‏,‏ كروية أو شبه كروية‏,‏ غازية‏,‏ ملتهبة‏,‏ مضيئة بذاتها‏,‏ متماسكة بقوة الجاذبية على الرغم من بنائها الغازي‏,‏ هائلة الكتلة‏,‏ عظيمة الحجم‏,‏ عالية الحرارة بدرجة مذهلة‏,‏ وتشع كلاً من الضوء المرئي وغير المرئي بجميع موجاته‏.‏ ويمكن بدراسة ضوء النجم الواصل إلينا التعرف على العديد من صفاته الطبيعية والكيميائية من مثل درجة لمعانه‏,‏ شدة إضاءته‏,‏ درجة حرارته‏,‏ حجمه‏,‏ كتلته‏,‏ موقعه منا‏,‏ سرعة دورانه حول محوره‏,‏ وسرعة جريه في مداره‏,‏ تركيبه الكيميائي‏,‏ ومستوي التفاعلات النووية فيه إلى غير ذلك من صفات‏.‏ وقد أمكن تصنيف النجوم العادية على أساس من درجة حرارة سطحها إلى نجوم حمراء ‏(3200‏ درجة مطلقة‏)‏ وهي أقلها حرارة‏,‏ إلى نجوم برتقالية‏,‏ وصفراء‏,‏ وبيضاء مائلة إلى الصفرة‏,‏ وبيضاء‏,‏ وبيضاء مائلة إلى الزرقة‏,‏ وزرقاء ‏(30,000‏ درجة مطلقة‏)‏ وهي أشدها حرارة‏,‏ وشمسنا من النجوم الصفراء متوسطة الحرارة إذ تبلغ درجة حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة مطلقة‏.‏ والغالبية الساحقة من النجوم‏(90%)‏ تتبع هذه الأنواع من النجوم العادية التي تعرف باسم نجـوم النسـق الأسـاسي(Main sequence),‏والباقي هي نجوم في مراحل الانكدار أو الطمس أو في مراحل الانفجار والتلاشي‏,‏ من مثل الأقزام البيضاء‏,‏ النجوم النيوترونية‏(‏ النابضة وغير النابضة‏)‏ والثقوب السود في المجموعة الأولي‏,‏ والعمالقة الحمر‏,‏ والعمالقة العظام‏,‏ والنجوم المستعرة‏,‏ وفوق المستعرات في المجموعة الثانية‏.‏
صورة لنجم نيتروني في الفضاء تم الاشارة عليه بسهم
 وأكثر النجوم العادية لمعاناً هي أعلاها كثافة‏,‏ وبعضها يصل في كتلته إلى مائة مرة قدر كتلة الشمس‏,‏ وتشع قدر إشعاع الشمس ملايين المرات‏، وأقل نجوم السماء لمعاناً هي الأقزام الحمر(Red Dwarfs),‏ وتبلغ درجة لمعانها أقل من واحد من الألف من درجة لمعان الشمس‏.‏
 وأقل كتلة لجرم سماوي يمكن أن تتم بداخله عملية الاندماج النووي فيسلك مسلك النجوم هو‏8%‏ من كتلة الشمس ‏(‏ المقدرة بحوالي ألفي مليون مليون مليون مليون طن‏),‏ والنجوم بمثل هذه الكتل الصغيرة‏,‏ نسبيا هي من النجوم المنكدرة من أمثال النجوم البنية القزمة أو ما يعرف باسم الأقزام البنية (Brown Dwarfs)..‏
والنجوم تمر بمراحل من الميلاد والشباب والشيخوخة قبل أن تنفجر أو تتكدس على ذاتها فتطمس طمساً كاملا‏ً,‏ فهي تولد من الدخان الكوني بتكدس هذا الدخان على ذاته‏(‏بإرادة الخالق سبحانه وتعالى‏)‏ وبفعل الجاذبية فتتكون نجوم ابتدائية(Prostars),‏ ثم تتحول هذه النجوم الابتدائية إلى النجوم العادية(Main Sequence Srars),‏ ثم تنتفخ متحولة إلى العماليق الحمر (Red Giants),‏فإذا فقدت العماليق الحمر هالاتها الغازية تحولت إلى ما يعرف باسم السدم الكوكبية(Planetary Nebulae),‏ثم تنكمش على هيئة ما يعرف باسم الأقزام البيض (White Dwarfs),‏ وقد تتكرر عملية انتفاخ القزم الأبيض إلى عملاق أحمر ثم العودة إلى القزم الأبيض عدة مرات‏,‏ وتنتهي هذه الدورة بالانفجار على هيئة فوق مستعر من الطراز الأول (Type I Super nova Explosion)‏ أما إذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم العادي كبيرة‏( عدة مرات قدر كتلة الشمس‏)‏ فإنه ينتفخ في آخر عمره على هيئة العمالقة الكبار (Super giants), ثم ينفجر على هيئة فوق مستعر من الطراز الثاني
صورة لعملاق أحمر في الفضاء
(Type II Super nova Explosion),‏ فينتج عن هذا الانفجار النجوم النيوترونية ‏(Neutron Stars)‏ النابضة (Pulsars),‏ وغير النابضة (Non-Pulsating Neutron Stars),‏ أو الثقوب السود (Black Holes)‏أو ما نسميه باسم النجوم الخانسة الكانسة وذلك حسب الكتلة الابتدائية للنجم‏.‏ والنجوم العادية منها المفرد‏(‏ مثل شمسنا‏)‏ والمزدوج (Binary Stars)‏ومنها المتعدد (Multiple Stars),‏ وتشير الدراسات الفلكية إلى أن أغلب النجوم مزدوجة أو متعددة‏,‏ والنجوم المزدوجة تتشكل من نجمين يدوران في مدار واحد حول مركز ثقلهما‏Common Cente of Mass,‏ومن النجوم المزدوجة ما يتقارب فيها النجمان من بعضهما البعض بحيث لا يمكن فصلهما إلا عن طريق فصل أطياف الضوء المنبثق من كل منهما بواسطة المطياف الضوئي (Spectroscope),‏ومن هذه النجوم المزدوجة ما يمكن أن يخفي احدهما الآخر لدرجة الكسوف الكلي‏.‏ والنجوم أفران كونية يتم في داخلها سلاسل من التفاعلات النووية التي تعرف باسم عملية الاندماج النووي(Nuclear Fusion)‏ وهي عملية يتم بواسطتها اندماج نوى ذرات الإيدروجين‏(‏ أخف العناصر المعروفة‏)‏ لتكون نوى الذرات الأثقل بالتدريج وتنطلق الطاقة التي تزيد من درجة حرارة النجم حتى يتحول إلى ما يعرف باسم النجم المستعر(Nova)‏والعملاق الأحمر ‏RedGiant,‏ أو النجم العملاق الأعظم(Supergiant)‏ وحينما يتحول قلب النجم المستعر إلى حديد تستهلك طاقة النجم‏,‏ وتتوقف عملية الاندماج النووي فيه‏,‏ وينفجر النجم فيتحول إما إلى قزم ابيض‏,‏ أو إلى نجم نيوتروني أو إلى ثقب اسود حسب كتلته الابتدائية فينكدر النجم أو يطمس ضوئه طمساً كاملاً‏.‏ وعند انفجار النجوم تتناثر أشلاؤها ـ ومنها الحديد ـ في صفحة السماء‏,‏ فيبدأ بعض هذا الحديد في اصطياد الجسيمات الأولية للمادة لتكوين العناصر الأعلى في وزنها الذري من الحديد بالتدريج‏.‏ الشمس نجم من نجوم السماء الدنيا الشمس هي النجم الذي تتبعه أرضنا فتدور حولها مع باقي أفراد المجموعة الشمسية‏,‏ وتدور معها حول مركز المجرة‏,‏ وهي أقرب نجوم السماء إلينا‏,‏ ويقدر بُعدها عنا بحوالي مائة وخمسين مليوناً من الكيلو مترات‏,‏ ويقدر نصف قطرها بحوالي سبعمائة ألف كيلو متر‏(6.960*510‏ كيلو متر‏(,‏ وتقدر كتلتها بحوالي ألفي مليون مليون مليون مليون طن‏(1.99*10(27)‏ طن‏),‏ ومتوسط كثافتها‏)1.41‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏(‏ أي ا على قليلا من كثافة الماء‏,‏ وتبدو الشمس لنا قرصا صغيرا في السماء على الرغم من أن حجمها يزيد عن مليون ضعف حجم الأرض نظرا لبعدها الشاسع عنا‏.‏ وتقدر درجة حرارة
رسم يوضح أقسام الشمس والكرة المضيئة
لب الشمس بحوالي‏15‏ مليون درجة مطلقة‏,‏ ودرجة حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة مطلقة‏(5800‏ درجة مطلقة‏)‏ بينما تصل درجة الحرارة في هالة الشمس‏(‏ أي إكليلها‏)‏ إلى مليوني درجة مطلقة‏,‏ وهذه الدرجات العالية من الحرارة‏,‏ والانخفاض الشديد في كثافة مادة الشمس لا يسمحان للإنسان من على سطح الأرض برؤية الشمس بالعين المجردة‏,‏ ولا باستخدام المناظير المقربة إلا إذا احتجبت الكرة المضيئة للشمس (Photosphere)‏احتجاباً كاملا بالكسوف الكلي لها أو بالطرق المختبرية المختلفة‏,‏ والكثافة في مركز الشمس تصل إلي‏90‏ جراما للسنتيمتر المكعب‏,‏ وتتناقص في اتجاه سطح الشمس لتصبح جزءا من عشرة ملايين من الجرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ وتنتج الطاقة في الشمس أساسا من تحول الإيدروجين إلى هليوم بعملية الاندماج النووي‏,‏ وان كانت العملية تستمر بمعدلات بسيطة لتنتج بعض العناصر الأعلى في وزنها الذري وتتكون الشمس بنسبة‏70%‏ إيدروجين‏,28%‏ هليوم‏,2%‏ عناصر أخري‏,‏ والشمس هي مصدر كافة صور الطاقة الأرضية‏.‏ ونظرا لأن غالبية جسم الشمس غازي لا تمسك به إلا الجاذبية الشديدة للشمس فان دورانها حول محورها يتم بطريقة جزئية‏,‏ قلب الشمس‏(‏ حوالي ثلث قطرها‏)‏ يدور كجسم صلب يتم دورته في‏36.5‏ يوم من أيام الأرض تقريبا‏,‏ بينما الكرة الغازية المحيطة بذلك اللب‏(‏ وسمكها حوالي ثلثي نصف قطر الشمس‏)‏ يتم دورته حول مركز الشمس في حوالي‏24‏ يوما من أيام الأرض‏,‏ وعلى ذلك فان متوسط سرعة دوران الشمس حول محورها يقدر بحوالي‏27‏ وثلث يوم من أيامنا‏.‏ وتجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها الشمسية‏)‏ في صفحة الكون بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلو متر في الثانية نحو نقطة في كوكبة هرقل بالقرب من نجم النسر الواقع ‏(Vega)‏ وهي تسمي علميا باسم مستقر الشمس‏,‏ كما تجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها الشمسية بسرعة تقدر بحوالي‏220‏ كيلو مترا في الثانية حول مركز مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ لتتم هذه الدورة في‏250‏ مليون سنة‏.‏
وأقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشمس وهو كوكب عطارد يبعد عنها بحوالي‏58‏ مليون كيلو متر‏,‏ وأبعدها عن الشمس وهو كوكب بلوتو يبعد عنها بحوالي ستة آلاف مليون كيلومتر‏.‏ وإذا خرجنا عن نطاق المجموعة الشمسية فان هذه المقاييس الأرضية لا تفي بقياس المسافات التي تفصل بقية نجوم السماء الدنيا عنا‏,‏ فاتفق العلماء على وحدة قياس كونية تعرف باسم السنة الضوئية‏,‏ وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته‏(‏ المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏)‏ في سنة من سنينا‏,‏ وهي مسافة مهولة تقدر بحوالي‏9.5‏ مليون مليون كيلو متر‏.‏ أبعاد النجوم عن أرضنا اكتشف علماء الفلك أن اقرب النجوم إلينا بعد الشمس هو نجم الأقرب القنطوري Alpha
رسم يوضح حجم الشمس بالمقارنة مع نجم القنطوريA و B لاحظ أن الشمس أصغر من القنطوري A وهو أقرب النجوم إلينا فسبحان الله
Centauri ‏ يبعد عنا بمسافة ‏ 4.243 ‏ من السنين الضوئية‏,‏ بينما يبعد عنا النجم القطبي بحوالي‏400‏ سنة ضوئية‏,‏ ومنكب الجوزاء يبعد عنا بمسافة‏1600‏ سنة ضوئية‏,‏ وأبعد نجوم مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ يبعد عنا بمسافة ثمانين ألف سنة ضوئية‏.‏ ومجموعتنا الشمسية عبارة عن واحدة من حشد هائل للنجوم على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية‏,‏ وسمكه نحو عشر ذلك‏,‏ وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ثلاثين ألف سنة ضوئية من مركز المجرة‏,‏ وعشرين ألف سنة ضوئية من اقرب أطرافها‏.‏ وتحتوي مجرتتا‏(‏ درب اللبانة‏ =Milky Way)‏على تريليون‏(‏ مليون مليون‏)‏ نجم‏,‏ وبالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة على الأقل‏,‏ تسبح في ركن من السماء الدنيا يقدر قطرة بأكثر من عشرين ألف مليون سنة ضوئية‏.‏ أقرب المجرات إلينا تعرف باسم سحب ماجيلان Magellanic Clouds‏ تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين ألف سنة ضوئية‏.‏ المجرات تجمعات للنجوم المجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين ‏(‏ الدخان الكوني‏)‏ بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة‏.‏ وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة‏,‏ وتختلف نجوم المجرة في إحجامها‏,‏ ودرجات حرارتها‏,‏ ودرجات لمعانها‏,‏ وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية‏,‏ وفي مراحل دورات حياتها‏,‏ وأعمارها‏,‏ فمنها النجوم العادية المفردة‏,‏ والمزدوجة‏,‏ والعديدة‏,‏ والعماليق الكبار والحمر‏,‏ والنجوم القزمة البيضاء والبنية والسوداء‏,‏ والنجوم النيوترونية‏,‏ والثقوب السود‏,‏ وأشباه النجوم وغيرها مما يتخلق باستمرار من الدخان الكوني‏.‏ ومن المجرات ما هو حلزوني الشكل‏,‏ ومنها ما هو بيضاوي‏(‏ إهليلجي‏),‏ ومنها ما هو غير محدد الشكل‏,‏ ومنها ما هو اكبر من مجرتنا بكثير‏,‏ ومنها ما هو في حجمها أو أصغر منها‏,‏ وتتبع مجرتنا عددا من المجرات يعرف باسم المجموعة المحلية Local Group‏ وقد يتجمع عدد أكبر من المجرات على هيئة عنقود مجري
صورة فضائية لسحب ماجلان
‏Galactic Cluster ‏كما قد يتجمع عدد من العناقيد المجرية على هيئة عنقود مجري عملاق Galactic Super cluster ‏يضم عشرات الآلاف من المجرات‏.‏ وتتراوح المجرات في شدة إضاءتها بين سحب ماجلان العظيمة‏,‏ وعدد من النقاط الباهتة التي لا تكاد أن تدرك بأكبر المقاريب‏(‏المناظير المقربة‏),‏ وتقع أكثر المجرات ضياء في دائرة عظمي تحيط بنا في اتجاه عمودي تقريبا على مستوي مجرتنا‏,‏ وتتراوح المسافات بين المجرات في التجمع المجري الواحد بين المليون والمليونين من السنين الضوئية‏,‏ وتبلغ مائة مرة ضعف ذلك بين التجمعات المجرية التي تعتبر وحدة بناء السماء الدنيا‏.‏ وبالإضافة إلى المجرات وتجمعاتها المختلفة في الجزء المدرك من السماء الدنيا فإننا نري السدم ‏Nebulae, ‏وهي أجسام دخانية تتخلق بداخلها النجوم‏,‏ ومن السدم ما هو مضئ وما هو معتم‏.‏ أشباه النجوم وهناك أشباه النجوم Quasars‏ وهي أجسام ضعيفة الإضاءة‏,‏ ولكنها تطلق اقوي الموجات الراديوية في السماء الدنيا‏,‏ وقد اشتق اسمها باللغة الانجليزية من الوصف ‏Quasi-Srellar Radio Sources ‏أشباه نجوم مصدرة للموجات الراديوية‏,‏ وان كان منها مالا يصدر موجات راديوية (Radio-quietQuasiStellarObjects).‏
 وهي أجرام سماوية تتباعد عنا بسرعات فائقة‏,‏ وتعتبر أبعد ما تم رصده من أجرام السماء بالنسبة للأرض إلى الآن‏.‏ وتبدو أنها حالة خاصة من حالات المادة غير معروفة لنا‏,‏ وتقدر كتلة شبيه النجوم بحوالي مائة مليون ضعف كتلة الشمس‏,‏ وتبلغ كثافته واحدا على البليون من الطن للسنتيمتر المكعب‏(‏ واحد على ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب‏),‏ وتبلغ الطاقة الناتجة عنه مائة مليون مليون مرة قدر طاقة الشمس‏.‏ وقد تم الكشف عن حوالي‏1500‏ من اشباه النجوم على أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وكشفت دراستها بواسطة المقربات الراديوية عن عدد من المفاجآت الفلكية المذهلة‏,‏ ويتوقع الفلكيون وجود آلاف من هذه الأجرام السماوية العجيبة‏.‏ من أسباب القسم بمواقع النجوم هذه الصفات المذهلة للنجوم تركها القسم القرآني وركز على مواقع النجوم فقال ربنا تبارك وتعالى‏:‏ (74) فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) ‏[‏ الواقعة‏:75‏ ـ‏76]‏ ولعل من أسباب ذلك ما يلي‏:‏
 أولا‏:‏ أنه نظرا للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عنا‏,‏ فإننا لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبدا‏,‏ ولا بأية وسيلة مادية‏,‏ وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها‏,‏ إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة‏,‏ أو بالانفجار والاندثار‏,‏ أو بالانكدار والطمس‏.‏ فالشمس وهي أقرب نجوم السماء إلينا تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏,‏ فإذا أنبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا‏,‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلومترا في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع ‏Vega‏ فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء‏.‏ وأقرب النجوم إلينا بعد الشمس وهو المعروف باسم الأقرب القنطوري يصل إلينا ضوئه بعد‏4,3‏ سنة من انطلاقه من النجم‏,‏ أي بعد أكثر من خمسين شهرا يكون النجم قد تحرك خلالها ملايين عديدة من الكيلومترات‏,‏ بعيدا عن الموقع الذي صدر منه الضوء‏,‏ وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نري النجوم أبدا‏,‏ ولكننا نري صورا قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها‏,‏ وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخري بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره‏,‏ ومعدلات توسع الكون‏,‏ وتباعد المجرات عنا‏,‏ والتي يتحرك بعضها بسرعات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏,‏ وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم‏,‏ بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين‏,‏ وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظرا لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض في ضوء ظاهرة اتساع الكون‏,‏ ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض ما قد انفجر وتلاشي أو طمس واختفي منذ ملايين السنين‏,‏ لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يصل إلينا بعد‏,‏ والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين‏.‏
ثانيا‏:‏ ثبت علميا أن الضوء مثل المادة ينحني أثناء مروره في مجال تجاذبي مثل الكون‏,‏ وعليه فإن موجات الضوء تتحرك في صفحة السماء الدنيا في خطوط منحنية يصفها القرآن الكريم بالمعارج‏,‏ ويصف الحركة ذاتها بالعروج‏,‏ وهو الانعطاف والخروج عن الخط المستقيم‏,‏ كما يمكن أن يفيد الصعود في خط منعطف‏,‏ ومن هنا كان وصف رحلة المصطفي صلي الله عليه وسلم في السماوات العلا بالعروج‏,‏ وسميت الليلة باسم المعراج والجمع معارج ومعاريج‏.‏
 وحينما ينعطف الضوء الصادر من النجم في مساره إلى الأرض فإن الناظر من الأرض يري موقعا للنجم على استقامة بصره‏,‏ وهو موقع يغاير موقعه الذي صدر منه الضوء‏,‏ مما يؤكد مرة أخري أن الإنسان من فوق سطح الأرض لا يمكنه أن يري النجوم أبدا‏.‏
ثالثا‏:‏ أن النجوم في داخل المجرة الواحدة مرتبطة مع بعضها بالجاذبية المتبادلة بينها‏,‏ والتي تحكم مواقع النجوم وكتلها‏,‏ فمع تسليمنا بأن الله تعالى هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا كما أخبرنا تبارك وتعالي بقوله‏:‏ ( إن اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [فاطر:41]‏ويقول ربنا عز من قائل‏:‏ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج:65].
 إلا أن الله تعالى له سننه التي يحقق بها مشيئته ـ وهو القادر على أن يقول للشيء‏:‏ كن فيكون لكنه تعالى وضع للكون هذه السنن المتدرجة لكي يستطيع الإنسان فهمها ويتمكن من توظيفها في حسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض‏,‏ فمواقع النجوم على مسافات تتناسب تناسبا طرديا مع كتلها ومرتبطة ارتباطا وثيقا بقوي الجاذبية التي تمسك بها في تلك المواقع وتحفظ السماء أن تقع على الأرض إلا بإذن الله ومن هنا كانت قيمة مواقع النجوم التي كانت من وراء هذا القسم القرآني العظيم‏...!!‏
رابعا‏:‏ أثبتت دراسات الفلك‏,‏ ودراسات كل من الفيزياء الفلكية والنظرية أن الزمان والمكان شيئان متواصلان‏,‏ ومن هنا كانت مواقع النجوم المترامية الأبعاد تعكس أعمارها الموغلة في القدم‏,‏ والتي تؤكد أن الكون الذي نحيا فيه ليس أزليا‏,‏ بل كانت له بداية يحددها الدارسون باثني عشر بليونا من السنين على أقل تقدير‏,‏ ومن هنا كان في القسم بمواقع النجوم إشارة إلى قدم الكون مع حدوثه‏,‏ وهي حقائق لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بنهاية القرن العشرين‏.‏ فقد كان اليونانيون القدامى يصرون على أن الأرض هي مركز الكون‏,‏ أو أن الشمس هي مركز الكون‏,‏ وأن كليهما ثابت لا يتحرك‏,‏ غير متصورين وجود أية بنية سماوية إلا حول الشمس‏,‏ وكان غيرهم من أصحاب المدنيات السابقة واللاحقة يؤمنون بديمومة الأرض والنجوم‏,‏ وما بها من صور المادة والطاقة‏,‏ بل ظل الغربيون إلى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي يؤمنون بأن النجوم مثبتات بالسماء‏,‏ وأن السماء بنجومها تتحرك كقطعة واحدة حول الأرض‏,‏ وأن الكون في مركزه ثابت غير متحرك‏,‏ ومكون من عناصر أربعة هي التراب‏,‏ والماء‏,‏ والهواء والنار وحول تلك الكرات الأربع الثابتة تتحرك السماوات‏,‏ ثم يأتي القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة من السنين ليقسم بمواقع النجوم هذا القسم العظيم‏,‏ مؤكدا نسبية وأهمية وتعاظم تلك المواقع‏,‏ وأن الإنسان لا يمكن له رؤية النجوم من فوق الأرض‏,‏ وكل ما يمكن أن يراه هي مواقع مرت بها النجوم‏,‏ ويأتي العلم في نهاية القرن العشرين مؤكدا كل ذلك‏..!!‏
 وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال المهم‏:‏ من الذي علم سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم كل هذه المعارف العلمية الدقيقة لو لم يكن القرآن الذي أوحي إليه هو كلام الله الخالق‏..!!‏؟
ولماذا أشار القرآن الكريم إلى مثل هذه القضايا الغيبية التي لم يكن لأحد علم بها في زمان الوحي ولا لقرون متطاولة من بعد ذلك؟ لولا أن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الناس سوف يأتي عليهم زمان يدركون فيه تلك الحقيقة الكونية‏,‏ ثم يرجعون إلى كتاب الله الخاتم فيقرؤون فيه هذا القسم القرآني العظيم‏:‏ فلا أقسم بمواقع النجوم‏*‏ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم‏*‏ الواقعة‏:75‏ ـ‏76‏ فيشهدون بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ ويشهدون لهذا النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم أنه كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأنه عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم كان ـ بحق ـ كما وصفه ربنا تبارك وتعالى‏:‏ (ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)) [‏ النجم‏:3‏ ـ‏5].‏
 وحينما يتم لهم ذلك تخر أعناقهم للقرآن خاضعين بسلاح العلم الكوني الذي كثيرا ما استخدم من قبل ـ كذبا وزورا ـ لهدم الدين‏..‏
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).

خدمة التخزين السحابي SkyDrive قادمة بمزايا جديدة

خدمة التخزين السحابي SkyDrive قادمة بمزايا جديدةخدمة التخزين السحابي SkyDrive قادمة بمزايا جديدةأكد موقع Liveside بأن شركة مايكروسوفت بصدد العمل على 

تطوير ودعم خدمة التخزين السحابية سكاي درايف بمزايا جديدة 

تتضمن القوائم المشتركة، وكذلك إدارة النسخ الإحتياطي وغيرها، 

وذلك بعد دعمها لعرض وتحميل الصور البانورامية حتى 360 درجة مؤخراً .
خاصية القوائم المشتركة تهدف لعمل أكثر إنتاجية، وأداء مُرضي 
لكافة الأطراف وهي ميزة تسهّل العثور على ملف مخزن على 
حساب شخص آخر قام بمشاركة مجلد معين معك، حيث لم يعد 
البحث في قائمة مطولة من الملفات أمر مُجدي وعملي، لكن الآن 
كل ماعليك هو أن تختار عدد من الملفات تصل إلى 100 ملف من 
عدة مجلدات على حسابك لتضعها في قائمة واحدة، ليسهل 
الوصول إليها ومشاركتها مع الآخرين.
ميزة Folder Mounting تأتي لتدعم مزامنة الملفات والمجلدات
 بشكل أفضل ، بحيث يستطيع المستخدم أن يطلب مزامنة جميع 
التغييرات ما بين جهازه وحسابه من خلال موقع الخدمة . بالاضافة 
الى ميزة النسخ الإحتياطي والتي تسمح للمستخدم بإدارة النسخ
 الإحتياطي لإعدادت جهازه، مع الأخذ في الحسبان نوع النظام 
المشغّل لهذا الجهاز، وبكل تأكيد يُتوقع أن يتم دعم نظام الويندوز 8 
وباقي الأنظمة المحمولة .